التسويق هو عصب الشركة وأحد أعمدتها الرئيسة لتكون شركة ناجحة قادرة على الوصول إلى عملائها، وفي الحقيقة فشل التسويق هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى فشل بعض الشركات رغم قوة منتجها. لذا تركيز الشركة على التسويق الرقمي لأعمالها ليس رفاهية بل يجب أن يأتي في مقدمة مهامها، ولذلك نقدم هذا الدليل ليكون معيناً للشركات الناشئة في التسويق الرقمي لأعمالها.
لا يختلف التسويق الرقمي في معناه للشركات الناشئة عن غيرها، لكن نقطة الاختلاف تتعلق أكثر بكيفية الاستفادة منه وأهميته، وما يترتب على ذلك من أثر في اختيار الاستراتيجيات التسويقية المناسبة. تتمثل أهمية التسويق الرقمي للشركات الناشئة في النقاط الآتية:
1. ملاءمة التسويق الرقمي للميزانية المحدودة
تملك الشركات الناشئة غالباً ميزانية محدودة للتسويق مقارنة بالشركات والمؤسسات الكبيرة، لا سيما في المراحل الأولى من عمر الشركة الناشئة، التي تركز فيها على اختبار فكرة الشركة، ولا تكون حصلت على جولات استثمارية في كثير من الأحيان.
يتناسب التسويق الرقمي مع هذا الوضع، إذ يتيح للشركة الناشئة تخصيص ميزانيتها في أنشطة تسويق ذات ميزانية محدودة، ويمكنها توجيه هذه الميزانية بالطريقة التي تناسبها، وزيادتها تدريجياً مع الاستمرار في أنشطة الشركة والتوسع في أعمالها.
2. تحقيق عائد فعلي على الاستثمار في أنشطة التسويق
تستفيد الشركات الناشئة من تحقيق عائد جيد على الاستثمار من التسويق الرقمي، فعندما تقرر الشركة استثمار جهدها ومواردها في استراتيجية تسويقية معينة، يمكنها وضع توقعات للنتائج التي يمكن تحقيقها، وضمان أنها تحقق لها أقصى قدر من العائد على الاستثمار في هذه الاستراتيجية.
3. فرص الابتكار والإبداع
تحتاج الشركات الناشئة لأساليب تسويق مبتكرة، وذلك يعود لأن فكرة الشركة نفسها قد لا تكون مألوفة للمستخدمين، أو تطبق الشركة نموذج عمل مغايراً للمعتاد، بالتالي تحتاج لطريقة تسويق إبداعية لوصول الفكرة إلى المستخدمين بطريقة صحيحة. يوفر التسويق الرقمي هذه المساحة من الإبداع والابتكار في النهج التسويقي، ويمكن كل شركة من ابتكار أساليبها الخاصة في التسويق.
4. قابلية التخصيص
تحتاج الشركات الناشئة إلى تخصيص رسائلها التسويقية، مع تقديم رسائل ترويجية تناسب كل مرحلة في القمع التسويقي، ومن خلال استراتيجيات التسويق الرقمي يمكن للشركات فعل ذلك، حيث يساعدها التسويق الرقمي على استهداف كل جمهور بالرسائل التي تناسبه، وجذب عدد أكبر من العملاء المحتملين للشراء.
5. التركيز على الأرقام
تركز الشركات الناشئة دائماً على تتبع البيانات والتحليلات لأنشطتها التسويقية، حتى يمكنها توجيه ميزانيتها بالطريقة المناسبة، واتخاذ القرارات التسويقية الصحيحة.
يوفر التسويق الرقمي الأدوات التي تقدم الإحصاءات والرؤى التي تحتاج إليها الشركات الناشئة، مما يمكنها من تقييم أدائها وتحديد نقاط القوة التي يمكن استثمارها، ونقاط الضعف التي يجب تحسينها، ولاحقاً بناء وتعديل استراتيجيتها التسويقية على نتائج هذا التحليل.
توجد عديد من الاستراتيجيات التسويقية التي يمكن لشركتك الناشئة الاعتماد عليها، ويمكنك الاختيار من بينها بحسب أهداف التسويق الرقمي في الشركة، ومقدار المساهمة المتوقعة لكل استراتيجية في الترويج للشركة بما يلائم طبيعة عملها. من أهم هذه الاستراتيجيات:
1. التسويق بالمحتوى
يأتي التسويق بالمحتوى في مقدمة استراتيجيات التسويق الرقمي الضرورية لأي شركة ناشئة، فهذه الاستراتيجية مهمة في كسب ثقة الجمهور، وظهور الشركة قائدة للفكر في مجالها. توجد عديد من أشكال التسويق بالمحتوى، في مقدمتها:
2. التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي
لا خلاف على قيمة التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي لشركتك الناشئة، فهذه المنصات يستخدمها عدد كبير من الجمهور حول العالم، وتمثل جزءاً رئيساً من أنشطتهم اليومية، وهي من أسهل الطرق لإنشاء مجتمع لشركتك والتفاعل مع جمهورك عليها.
احرص على التنويع في أشكال المحتوى الذي تقدمه على هذه المنصات، ما بين المحتوى التعليمي والترفيهي والترويجي، لأن ذلك يخلق تواصلاً مباشراً بينك وبين جمهورك، ويجعلهم متابعين لك باستمرار، مما يقلل من تكلفة الاستحواذ على العملاء بمرور الوقت.
توجد عديد من منصات التواصل الاجتماعي، ولست مطالباً بالوجود عليها جميعاً في الوقت ذاته، فهذا قد يكون هدراً للموارد والميزانية، بل الأفضل اختيار أهم المنصات التي يوجد عليها جمهورك، والوجود هناك لترويج شركتك وأعمالك إليهم.
3. تحسين محركات البحث SEO
تحسين محركات البحث (السيو) هي استراتيجية تسويقية هدفها ظهور موقعك في النتائج الأولى من محركات البحث، وتتضمن مجموعة مختلفة من المهام، سواء داخل الصفحات في الموقع On page، أو خارج الموقع Off page.
تعد الميزة الأساسية في السيو هي أنه يمنحك قيمة مستمرة على المدى البعيد، فأنت حين تستهدف كلمات مفتاحية ما مهمة لجمهورك، وتنجح في التصدر على هذه الكلمة، بهذا تضمن استمرار تدفق الزيارات إلى موقعك دون الحاجة لكتابة محتوى جديد في نفس الكلمة.
لا يقتصر دور السيو في المحتوى على كتابة المقالات فقط، ولكن في ما يتعلق بالمحتوى فهو يشمل جميع أجزاء الموقع الإلكتروني، مثل: كتابة صفحات الموقع نفسها - صفحات الهبوط - وصف المنتجات.
4. الحملات الإعلانية المدفوعة
تساعد الحملات الإعلانية المدفوعة والاستهداف الصحيح على استقطاب العملاء للشراء، ويمكن تطبيق هذه الاستراتيجية في عدة منصات، سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو على محرك بحث مثل جوجل، وغيرها من الأساليب.
من المهم التخطيط جيداً للقمع الخاص بحملتك الإعلانية، واختيار المنصات المناسبة لبدء الإعلان عليها حسب ما تحققه لك من عائد على الاستثمار. ومن الضروري كذلك تطبيق حملات إعادة الاستهداف، التي تستقطب زوار موقعك بحسب الصفحات التي زاروها، حيث يكون هؤلاء أقرب إلى الشراء عن بقية أنواع العملاء.
5. التسويق عبر البريد الإلكتروني
يمكنك استخدام التسويق عبر البريد الإلكتروني، لا سيما في حالة العمل B2B، أو استهداف عملاء يستخدمون بريدهم الإلكتروني باستمرار. الميزة في التسويق عبر البريد الإلكتروني هي فرصة تخصيص المحتوى وتقسيم عملائك إلى مجموعات، فترسل لكل مجموعة الرسالة التي تناسبها.
يمكن أيضاً استخدام أنواع مختلفة من النشرات البريدية، مثلاً النشرات الترحيبية للعملاء الجدد في قائمتك البريدية، والنشرات البيعية لترويج منتجاتك وخدماتك. احرص على تمييز عملاء نشرتك بعروض أو خصومات خاصة، فهذا يحفزهم لمتابعة نشرتك، ويشعرهم بالتميز على بقية العملاء.
6. التسويق عبر المؤثرين
ازدادت أهمية التسويق عبر المؤثرين مؤخراً، فأصبح أسلوباً ترويجياً مهماً تستخدمه عديد من العلامات التجارية، وهو بالفعل من استراتيجيات التسويق الرقمي القوية. من المهم عند اختيار المؤثرين التركيز على مصداقيتهم لدى الجمهور، لا فقط أعداد المتابعين، فمثلاً مؤثر يتابعه 50 ألفاً قد يحقق لك نتائج أفضل من مؤثر يتابعه 500 ألف، والسبب في ذلك هو مصداقية الاثنين.
من الضروري أيضاً الحرص على اختيار المؤثر المناسب لشركتك، سواء من خلال كونه يعمل في نفس مجالك، أو يتابعه جمهور قريب من جمهورك مع وجود احتمالية لشرائهم ما تبيعه. يلعب ذلك دوراً مهماً في تحقيق العائد المطلوب على الاستثمار، لأنه إذا كان المؤثر ملائماً لعملك فقد تزداد عمليات البيع المحتملة، والعكس صحيح.
7. التسويق الشفهي
يلعب التسويق الشفهي حالياً دوراً كبيراً في تشجيع العملاء على الشراء، فهو يأتي من الجمهور لا من داخل شركتك، وهذا يضيف له مصداقية لدى الراغبين في الشراء. توجد عدة أساليب لتطبيق التسويق الشفهي، وتعتمد في أساسها على تشجيع الجمهور على مشاركة محتوى ذي صلة بعلامتك التجارية.
يُعرف هذا المحتوى باسم المحتوى الذي ينتجه المستخدمون UGC. من المهم التفكير في العوامل التي تشجع المستخدمين على مشاركة محتواهم، سواءٌ كانت الدوافع معنوية أو مادية مثل برامج الإحالة.
8. جوجل نشاطي التجاري
جوجل نشاطي التجاري هي أداة مجانية تابعة لجوجل، تمكنك من بناء ملف لشركتك يظهر عندما يبحث العملاء عنك في جوجل، حيث يمكنك إضافة معلومات عن الشركة وصور للمنتجات أو الخدمات، ويمكن للعملاء مشاركة مراجعاتهم وتقييماتهم لعملك، وهذا يفيدك في الوصول إلى العملاء الموجودين حول مكان وجودك.
من أهم مميزات التسويق الرقمي هي الأرقام، التي تتيح لك تتبع أدائك وتحسينه، لكن هذا لن يحدث إذا لم تحدد المقاييس التي تنوي تتبعها. من أهم مقاييس التسويق الرقمي التي يجب أن تضعها في الحسبان:
1. مقاييس زيارات الموقع الإلكتروني
مقاييس تركز بالأساس على كل ما له علاقة بزيارات الموقع الإلكتروني والزوار القادمين إليه، ومنها:
2. مقاييس التفاعل في الموقع الإلكتروني
مقاييس هدفها تقييم تفاعل الزوار مع موقعك الإلكتروني، ومنها:
3. مقاييس التحويل واكتساب العملاء
مقاييس تركز أكثر على التكاليف والأرباح المحققة من العملاء، ومنها:
4. مقاييس مواقع التواصل الاجتماعي
مقاييس تهتم بتتبع وتقييم أدائك على مواقع التواصل الاجتماعي:
5. مقاييس تحسين محركات البحث
مقاييس خاصة باستراتيجية تحسين محركات البحث، ومنها:
6. مقاييس الإعلانات المدفوعة.
مقاييس خاصة بالإعلانات المدفوعة على مختلف المنصات، ومنها:
7. مقاييس التسويق عبر البريد الإلكتروني.
مقاييس خاصة بالتسويق عبر البريد الإلكتروني وأداء النشرات البريدية، ومنها:
لا يتعلق الأمر فقط باختيار الأنشطة التسويقية المناسبة، ولكن ببناء الاستراتيجية التسويقية المتكاملة التي تنظم عمل التسويق الرقمي، وتساعد على تحقيق النتائج المستهدفة في إطار محدد ومخطط بكفاءة. يمكننا تقسيم بناء الاستراتيجية التسويقية إلى أربع مراحل:
المرحلة الأولى: التحليل
يمنحك التحليل رؤية واضحة حول الوضع الحالي، ويمكنك من بناء استراتيجيتك التسويقية بالجودة المطلوبة، ويتضمن تحليل النقاط الخمس التالية:
استخدم تحليل SWOT
للاستفادة من مرحلة التحليل بدرجة أكبر، يمكنك تضمين الملاحظات ضمن تحليل SWOT، وهو تحليل يمكنك من إضافة الملاحظات ضمن 4 أجزاء، ولأننا سنستخدمه هنا في التسويق، فسيكون التركيز على النقاط الخاصة بالتسويق فقط:
مثال على تحليل سوات / Hubspot
المرحلة الثانية: التخطيط
بناءً على ما استفدته من مرحلة التحليل، انتقل إلى مرحلة التخطيط وبناء الاستراتيجية التسويقية المناسبة. يتضمن التخطيط تنفيذ الخطوات الآتية:
المرحلة الثالثة: التنفيذ
تركز المرحلة الثالثة على تنفيذ خطتك، والحرص على تحقيق أهدافك التسويقية. تتضمن هذه المرحلة الخطوات الآتية:
المرحلة الرابعة: المتابعة
يعتمد التسويق الرقمي على التطوير المستمر للعمل، لذا من المهم مراقبة الأداء باستمرار وتحليل النتائج التي تحققها استراتيجيتك التسويقية، وبناءً على ذلك تتخذ القرارات المناسبة، سواء بالاستمرار في الاستراتيجية أو التعديل عليها أو حتى استبدالها كلياً.
ختاماً، يعد التسويق الرقمي جزءاً رئيساً في نجاح شركتك الناشئة، لأنه وسيلتك للوصول إلى العملاء المحتملين فعلاً، ولأنك غالباً تملك ميزانية محدودة للتسويق، فأنت بحاجة إلى التركيز على فاعلية كل خطوة تنفذها، فاحرص على استخدام أنسب الاستراتيجيات التسويقية لعملك، ومتابعة الأداء باستمرار للتدخل في الوقت المناسب.